Vcoderz Community - Brave obama

نادراً جداً ما نسمع اصوات مسؤولين اميركيين تنادي بمواجهة اسرائيل للمحافظة على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في اكثر من بقعة من العالم. آخر هذه الاصوات والدعوات اتى على لسان مستشار الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر للامن القومي زبيغينو بريجنسكي الذي دعا الادارة الاميركية الى "مواجهة" الطائرات الاسرائيلية اذا ما حلقت فوق بغداد لتنفيذ هجوم على ايران.
صحيح ان بريجنسكي لم يعد يتمتع بموقع رسمي او فاعلية عملية، الا انه، على غرار الرئيس الذي خدم معه اي كارتر، يعيش على ما يبدو الحياة المدنية والسياسية التي كان يجب ان يعيشها من قبل. ولكن، ما الذي دعا بريجنسكي الى الاعلان عن موقفه هذا بهذه الطريقة الصريحة؟
ساد التوتر الخفيف منذ فترة العلاقات بين اميركا واسرائيل على خلفية موضوع الاستيطان، في ظل "هجمة" اميركية لتحقيق تقدم ملموس على المسار الفلسطيني على الاقل في عملية السلام، يسمح لها بالانتقال الى مراحل اكثر عمقاً، وصولاً الى حلحلة على المسارات الاخرى. ولكن "المواجهة" الدبلوماسية والسياسية بين الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو انتهت لمصلحة الثاني، حيث خفّت همة الاميركيين وحماستهم في ما خص عملية السلام، وباتوا يقبلون بمسألة العمل بوتيرة اخف ووفق المعطيات والمستجدات، وهو ما شكّل نكسة لعدد من الاميركيين الذين هالهم ان تفرض عليهم اسرائيل علناً ارادتها، وان تقول "لا" للدولة التي دعمت وجودها ويمكن القول انها كانت السبب في بقائها في هذه البقعة من العالم، ولا يمكن اعتبار الموافقة على تجميد الاستيطان لفترة من الوقت بعد الموافقة على بناء مستعمرات اضافية، بالانجاز الذي حققه اوباما، لا بل على العكس، هو خيبة امل كبيرة.
اما على صعيد المصالح الاميركية، فيعلم بريجنسكي بحكم موقعه السابق الذي شغله، ان مصلحة اميركا تفرض عليها حالياً عدم القلق من جراء اهتزاز الاستقرار في منطقة الخليج، لان تداعياته ستكون اكبر واقسى من تداعيات حرب العراق، وستكون اميركا وحدها في مواجهة النتائج، لانه وكما قال بريجنسكي، لا يمكن لايران ان تؤذي اسرائيل كما تدعي، الا انه يمكن ان تؤذي الولايات المتحدة ومصالحها، وان اي ضربة عسكرية ستوحد الايرانيين وتنسيهم خلافاتهم، كما ستكون بمثابة هدية لاكثر من ملّة سيظهر على السطح ويعمل ميدانياً.
واللافت ان كلام بريجنسكي اتى بالتزامن مع كلام اطلقه رئيس اركان الجيش الاسرائيلي غابي اشكينازي اعتبر فيه ان افضل حل للازمة الايرانية هو فرض عقوبات دولية، وان الجيش جاهز اذا كان هناك من ضرورة. وهذا يعني عدم وضعه الخيار العسكري اولاً، لعلمه بفشل هذه الخطوة على الصعيدين العسكري والسياسي وحتى الامني.
تصريحات بريجنسكي لن تلقى آذاناً صاغية لان اوباما تعرض لانتكاسة من نتانياهو، واصبح الاخير بالتالي يملك تفوقاً معنوياً على الرئيس الاميركي لن يستطيع رئيس اعظم دولة ان يمحوه بسهولة.