بين الصدمَةِ والخيبة، هكذا تتراوَحُ مشاعرُ الناس، في مختلفِ حلقاتِ الأحداثِ وأوساطِها.
ففي الحلقة الغزاوية، هي الخيبةُ نصيبُ المحتلِّ الاسرائيلي. يُجرجرُ أذيالَها بعد ثلاثةٍ وعشرينَ يوماً من العدوان المجنون. لينتهِيَ بوقفِ نارٍ مفروضٍ عليه، وانسحابٍ كامِل وجلاءِ آخرِ جنودِه عن أرض القطاع. وانفتاحِ معركتِه الداخلية، عشيةَ انتخاباتِه التشريعية، ووَسْطَ تعاظُمِ كرةِ الثلج، المهدِّدة داخلياً ودولياً، بفتحِ ملفِّ استخدامِهِ للأسلحة المحظورة.
أما الصدمَةُ فتظلُّ غزاوية، مع مَسحِ الأضرار، وتبيانِ حجمِ الخسائر التي خلَّفتها الهمجيةُ الصهيونية. صدمةٌ، لا يواسيها، ولا يوازيها، إلا أنها ثمنُ النصر الغالي.
وعلى الصعيد العربي، الصدمةُ كانت في غداءِ المصالحة. مصالحةٌ تبيَّن سريعاً، أنها لم تكن أكثرَ من مصافحة. فعادت الخيبَةُ لتحلَّ على الوجوه، ولترسمَ حساباتِ الأيام المقبلة، عربياً وفلسطينياً، ولبنانياً، ودولياً.
وعلى المستوى الدولي، كانت الصدمةُ إيجابيةً. وعنوانُها دخولُ باراك أوباما الى البيت الأبيض. صدمةٌ إيجابية، لم تلبثْ أن تعززتِ اليوم. مع قرارِ الرئيس الأميركي الجديد، تعليقِ الاجراءات القضائية في معتقل غوانتانامو. ومسارعتِه الى عقدِ اجتماعٍ عسكري، للبحث في مسألَةِ الانسحاب من العراق، جدولاً زمنياً، وتسريعاً للمهل والمواعيد.
لكنها صدمة، سيظلُّ يرافقُها خوفٌ من خيبةٍ لاحقة، قياساً الى كلِّ التجارب السابقة مع واشنطن، وسياساتِ واشنطن، ورؤسائها.
صدمةٌ وخيبةٌ على كل المستويات إذن، لكنَّ أولَّهما يظلُّ من غزة