معركة زحلة: تيار المستقبل يلعب في ديموغرافيا المناطق مغيراً وجه الدوائر المسيحية
في زحلة، فاز نقولا فتوش ولائحته بمقاعد زحلة السبعة وخسر الياس سكاف ولائحته المقاعد السبعة.
حاز فتوش، الفائز، على نحو 30 ألف صوت سني، 700 صوت شيعي، 6 آلاف صوت ماروني و6500 صوت كاثوليكي، 2200 صوت أرثوذكسي، و200 صوت أرمني ليكون فتوش قد حصد بذلك نحو 30 ألف صوت سني، 700 صوت شيعي، و15 ألف صوت مسيحي.
في المقابل، جمع سكاف، الخاسر نحو 3000 صوت سني، 14 ألف صوت شيعي، 5 آلاف صوت ماروني، 7300 صوت كاثوليكي، ألفي صوت أرمني و3500 صوت أرثوذكسي فيكون المجموع: 3000 سنة، 14 ألف شيعة، و18 ألف صوت مسيحي.
بحكم الصناديق إذاً يعتبر سكاف ولائحته الفائزين في الأصوات المسيحية في عاصمة الكثلكة الثانية في العالم بعد الفاتيكان.
وقبل الدخول في التفاصيل الزحلاوية، لا بد من سؤال يطرح نفسه في ظل نقل نفوس السنّة من مختلف المناطق اللبنانية إلى زحلة لتعديل موازين القوى فيها: ماذا لو قرر حزب الله وحركة أمل نزولاً تغيير الديموغرافيا في كل المناطق اللبنانية خصوصاً أن ما من معارك جدية تنتظرهم قريباً في المناطق ذات الغالبية الشيعيّة؟ ماذا لو قررا نقل نفوس عشرين ألف ناخب شيعي من بنت جبيل إلى جبيل، وماذا لو قررا نقل نفوس 30 ألف ناخب شيعي من بعلبك إلى المتن، وماذا لو قررا إغراق بيروت بدوائرها الثلاث بعشرات آلاف الناخبين الشيعة؟
والسؤال الأساسي هنا، هل يعرف تيار المستقبل، وناخبوه وناخبو حلفائه، حجم الإساءة التي ارتكبوها بتشجيعهم نقل النفوس إلى زحلة لأسباب انتخابية بحتة، بحق قانون القضاء وبحق التوازنات المناطقية والطائفية، وكيف يسكت البطريرك الماروني عن هذه المؤامرة التي حالت دون السماح لأبناء زحلة بإيصال من يمثلهم عبر وسيلة معينة صادرت قرارهم.
وفي سياق نقل النفوس، يُسأل الوزير الياس سكاف أيضاً عن سبب سكوته عن هذا الموضوع الذي يفترض أن تكون لوائح الشطب قد بيّنته، ولماذا لم يرفع الصوت كما يفترض، ولماذا لم يقل لمسيحيي زحلة أنهم باتوا أقلية في دائرة زحلة التي باتت حالها من حال دائرة بيروت الأولى حيث يسمي الحريري النواب المسيحيين الثلاثة لأن الأرجحية في الدائرة للناخب السني.
لاحقاً ثمّة مفارقات كثيرة تشغل ماكينة سكاف الباحثة عبثاً عن أجوبة، وأبرز هذه المفارقات أربعة:
1- عدم متابعة القوى الأمنية لعمليات الرشوة الواسعة النقاط والتي كانت تحصل على مرأى من جميع الناس. وفي هذا السياق، يروي أحد نواب زحلة أن الأكثرية عرضت المال على كل الناس، وضمناً الناخبين الشيعة المعروفين بتأييدهم لحزب الله، مؤكداً أن خصومه كانوا يوزعون الأموال في ساحة بلدة المعلقة من خلف صورة عملاقة للائحة "زحلة في القلب" كانت بمثابة ستار لعمليات الرشوة. وعلى ذمّة النائب نفسه، دُفع لكل رجل دين سني 5 آلاف دولار. ويشير النائب إلى استئجار ماكينة الأكثرية بطاقات هوية لبعض مؤيدي المعارضة ليضمنوا عدم اقتراعهم للمعارضة في يوم الانتخاب.
2- علاقة الأكثرية برؤساء الأقلام، وقد بدا التنسيق واضحاً في زحلة بين تيار المستقبل من جهة وغالبية رؤساء الأقلام من جهة أخرى. فكان هؤلاء ينشطون ويتحمسون للقيام بواجبهم في الأقلام حيث الأرجحية للأكثرية، ويتباطأون جداً في العمل في الأقلام حيث الأرجحية للمعارضة. ويشير النائب حسين يعقوب إلى أن رؤساء الأقلام في البلدات الشيعية تعمدوا قهر الناس تحت الشمس وتأخيرهم قدر المستطاع حتى يغادروا المركز من دون أن يقترعوا، فيما بذل زملاؤهم في الأقلام السنيّة جهداً استثنائياً ليكون الاقتراع سريعاً جداً. وفي السياق نفسه، يقول يعقوب إن عدد الأصوات التي نالها هو وخصمه عقاب صقر تجاوزت في عدّة أقلام عدد أصوات المقترعين المسجلين في اللوائح، ما يوحي أن ثمة تزويراً قد حصل، وخصوصاً أن ضغوطاً كبيرة مورست على مندوبي المعارضة في بلدات سعدنايل ومجدل عنجر وغيرها، ما حال دون حصول مراقبة حقيقيّة وسمح للأكثريين بفعل ما يشتهونه.
3- دور شقيق رئيس الجمهورية - محافظ البقاع أنطوان سليمان، الذي كان، وفق المعارضة، العمود الفقري لماكينة الأكثرية في البقاع، ما استدعى تدخلاً من رئيس الكتلة الشعبية إلياس سكاف عند وزير الداخلية زياد بارود للاعتراض على المحافظ الذي كان عراباً لنقل نفوس الناخبين السنّة إلى زحلة
.
4- فرع المعلومات، حيث تتهم ماكينة الكتلة الشعبية الفرع بلعب دور الماكينة الرديفة بالنسبة للائحة زحلة بالقلب، وهي تعد ملفا خاصا يوثق مخالفات عناصر فرع المعلومات الذين نشطوا في نقل الناخبين وفي إدارة بعض التفاصيل مثل توتير الأجواء في أقلام معينة لتخويف الناس ودفعهم إلى المغادرة.
ختاماً، قد تكون دائرة زحلة إحدى الدوائر القليلة التي كانت المعارضة تتوقع تعرضها لانتكاسة انتخابية كبيرة فيها، وكانت ماكينة المعارضة تنتظر مفاجآت في يوم الاقتراع رجحت أن تكون أمنية، كحصول اعتداءات تبقي المواطنين في منازلهم. لكن ما حصل ليس بالأمر السهل، وهو حتماً يحتاج دراسة مفصلة لأخذ العبر. دراسة قد تكون حتمية بالنسبة للمعارضة التي تعيد قراءة ملف زحلة الانتخابي كلمة تلو كلمة بهدف البحث عن كل الثغرات المتوفرة في عمل ماكينة "زحلة في القلب" لتقديم طعون جدية
ELNASHRA