[Jess]

كبريال إدوار مراد -
لأنك أصبحت في دنيا الحق، حيث لا كذب ولا تكاذب، أتوجه إليك بهذه الرسالة، هناك حيث أنت في جوار الله والقديسين، من هنا، من على هذه الأرض التي غادرتها قبل أوانك.
أعتذر منك جورج ومن جميع معارفك ومحبيك واصدقائك، من أولئك الذين شاهدوك للمرة الأولى بالأمس في نعشك الأبيض، تشق طريقك بين الجموع الباكية، بدل أن تسير في قريتك وسط زغاريد عرسك الذي شاءت يد الغدر أن تحوّله الى بحر من الحزن الصامت.

أعتذر لأن في كلماتي صدقاً قد يعتبره البعض فجّاً، مرّاً كالحقيقة، في غير أوانه، أو حتى غير مبرر في الظرف الحالي... وفي كل الأحوال سأبقى صادقاً معك ومع نفسي.

للأسف، إن دماءك يا جورج ذهبت هدراً. لأن القاتل لن يحاسب، ولأن وراء كل قاتل مأجور، سياسياً يحميه ويتستّر عليه، ويستغل المناسبة الى أبعد الحدود. أولئك يشربون الدماء ولا يرتوون، ويأكلون من موائد أحزان هذا الشعب، ويحاضرون بالعفاف ولا يستحون.
لا تصدّق الخطابات الرنانة وكلمات السياسيين وصيحات المحرضين ومكر الباكين والمتباكين. رحلت يا جورج ولن تبقى إلاّ في قلب وضمير واحزان عائلتك. أما أولئك الذين ارادوا استغلال المصاب الجلل، واللعب على الغرائز ومحاولة تثمير واستثمار الدماء لهذا الهدف او ذاك، أولئك يا جورج إعتادوا الكذب، ولن يذكروك إلاّ متى دعت حاجة متاجرتهم بالدماء الى ذلك. ولعلّك من عليائك تنظر إليهم مبتسماً، مسامحاً، وانت تعرف انهم سيستغلون ذكراك كما فعلوا مع المئات والآلاف ممن سبقوق على مذبح هذا الوطن.

لم اعرفك، ولكنني تعرفّت إليك بالأمس في الفريديس. رأيتك في نعشك الأبيض محاطاً بالأكاليل. عرفتك من خلال حزن أهلك الصامت الصادق. نظرت إليك من بعيد دامعاً، ربما رأيت فيك صورتي بعد حين أو صورة احد أقاربي او أهلي او معارفي، في وطن إعتاد أن يكون جنازة دائمة، يحضرها القتلة، وبالأمس حضرها من قتلك.