كل لبنان يبدو عالقاً بين شرَّين: الخجل، والخوف
الخجل من الاعتراف بأن القرار بتشكيل حكومته يُتخذ خارج أرضه، وفي اجتماعٍ لم يحضره أي لبناني. وفي دقائق معدودة، بعد أربعة أشهر طويلة، على مراوحته بلا حكومة. أما الخوف، فمِن رفض الاعتراف بهذا الواقع، وبالتالي استمرار الأزمة وتماديها وتفاقمها، وربما انفجارها.
أي الشرين أهون؟ لم يحسم المسؤولون اللبنانيون بعد. وفي انتظار تريثهم ومراوحتهم، يرتسم في الأفق شرٌ ثالث أكبر، لا بل أعظم. ألا وهو أن تؤدي المماطلة، الى حصد سلبيات الشرِّين السابقين، من دون الحصول على إيجابياتهما. بمعنى أن يتكرَّس تدخلُ الخارج في الشؤون اللبنانية، ولا تتشكل لقاءَ ذلك حكومة لبنانية. أن ندفعَ من سيادتنا، ولا نقبض في سياستنا. أن نخسرَ شيئاً من الاستقلال، ولا نربح في المقابل شيئاً من الاستقرار...
أصلاً، ثمة قاعدة ثابتة وصائبة دوماً، وهي أن أسوأ الخيارات على الإطلاق، هو ألا تختار. فكيف إذا كان غيابُ الخيار والقرار، مترافقاً مع سلسلة استحقاقاتٍ داهمة، أو متوقعة: أمنياً، مجموعة متفرقة من الخروق الصغيرة، المرشحة للاتساع، فتصيرَ اهتراءً كاملاً في نسيج السلم الأهلي وسلام الوطن. اقتصادياً أثقالٌ كبيرة، تزداد كل يوم. ودستورياً، عقدٌ نيابي عادي، يبدأ بعد عشرة ايام، ويُستهل بانتخاب لجان المجلس الجديد. فهل يكون موعد 20 الجاري، حداً أخيراً لانفراج الأزمة وتشكيل الحكومة؟ أجواء بعبدا والسراي أشرت الى شيء من هذا القبيل. فكان كلامٌ عن أسبوع حاسم، وعن خير نجده بالتفاؤل، وعن حرصٍ جامعٍ جامع، على نتائج قمة دمشق...
واستعداداً، يبدو تكتل التغيير والإصلاح قد أتم جهوزيته: الموازنة العامة، قوانين الانتخاب والبلديات واللامركزية والتملك وسواها الكثير، أُنجزت دراساتها واقتراحاتها، ولم يكن ينقصها غير بركة أب الرهبان، وذخيرة مار شربل، شفاعةً لقيامة دولة مرجوة.