Rayya Hassan rejected Bassil's decision.
الحسن تنكّل بالمواطنين
أمرت الجمارك برفض خفض رسوم البنزين... لكن القرار قائم
تصرّ وزيرة المال السابقة ريا الحسن على التنكيل بالمواطنين، وتستمرّ في سياستها الكيدية بحقّهم، معترضة على كل قرار يهمّ الفقراء وذوي الدخل المحدود والمتوسط، إذ على الرغم من امتناعها عن توقيع أي معاملة إدارية منذ الاثنين الماضي، لم يستطع «حسّها الإنساني» ألّا يتحرك ضد قرار وزير الطاقة والمياه جبران باسيل خفض سعر البنزين... فحاولت تعطيله!
رشا أبو زكي
حتى آخر لحظة لها في الحكومة، وعلى الرغم من أنها وزيرة لتصريف الأعمال، تأبى وزيرة المال السابقة ريا الحسن مغادرة الوزارة بذكرى مشرّفة واحدة تنطبع في رؤوس المواطنين، فعلى الرغم من أنها منذ الاثنين الماضي ترفض توقيع أي معاملة إدارية في وزارة المال، متعمّدة تعطيل الدولة في ظل «حكومة تصريف الأعمال»، مارست الحسن الضغط على المجلس الأعلى للجمارك، الخاضع لوصايتها، لكي يرفض طلب وزير الطاقة والمياه جبران باسيل إجراء خفض أوّلي على رسوم البنزين بقيمة 3 آلاف و300 ليرة، متذرّعة بقواعد «قانونية» هي فعلياً غير دقيقة... وبذلك تستمرّ ريا الحسن بالتنكيل بالمواطنين عمداً، على الرغم من الضائقة التي يعانونها بسبب سياسات فريقها الجائرة!
وبدلاً من تشجيع خطوة باسيل في ظل غياب مجلس وزراء أصيل، أعلنت الحسن أن قرار الأخير «شعبوي لتحصيل مكاسب سياسية»، لا بل رأت أن خطوة باسيل «غير دستورية وغير قانونية وبالتالي لا يمكنه السير بها»، وقالت كمن يبشّر بالخير، إن «المجلس الأعلى للجمارك سيبلغه (باسيل) بأنه لا يستطيع البتة اللجوء إلى هذا القرار»! وبالفعل هذا ما فعله المجلس الأعلى للجمارك، الذي وجّه كتاباً إلى باسيل يبلغه فيه امتناعه عن تنفيذ قرار خفض الرسوم، إلا أن باسيل أكد لـ«الأخبار» أن قراره قانوني، وأنه سيعيد إرسال القرار إلى المجلس الأعلى للجمارك مع «الإصرار والتأكيد»، بحيث يصبح لزاماً عليه تطبيقه بدءاً من 2 شباط المقبل.
ففي 25 كانون الثاني الجاري أرسل وزير الطاقة والمياه جبران باسيل كتاباً إلى المجلس الأعلى للجمارك تحت عنوان «خفض رسم الاستهلاك الداخلي الواجب عن مادة البنزين»، وقد طلب بموجبه إجراء عملية الخفض «نظراً للارتفاع الحادّ في أسعار المحروقات بحيث أصبح المواطن اللبناني غير قادر على احتماله، ممّا يحتّم توقّع انفجار اجتماعي كبير يجب تداركه قبل حصوله». وبذلك دعا باسيل المجلس الأعلى للجمارك إلى المباشرة «فوراً» باتخاذ القرار العاجل بخفض الرسم الداخلي بما قيمته 3 آلاف و300 ليرة عن كل صفيحة بنزين، «على أن يصار إلى تطبيق السعر الجديد لمادة البنزين ابتداءً من 2 شباط المقبل».
واستند قرار باسيل إلى المادة 41 من القانون رقم 326 الصادر في 28 حزيران 2001 «... تعديل رسم داخلي أو الغاؤه عند الاقتضاء على أن يكون مماثلاً لما تقرّره الحكومة على الرسوم الجمركية، إذ يحق للحكومة أن تنيب المجلس الأعلى للجمارك بمرسوم يصدر عنها تطبيق الأحكام هذه ضمن الأصول المعتمدة في تعديلات التعرفات الجمركية». وقد أعقب هذا القانون، المرسوم رقم 12480 الصادر عن الحكومة في 21 أيار 2004، الذي ينصّ: «يناب المجلس الأعلى للجمارك بتعديل رسم الاستهلاك الداخلي عن مادة البنزين بناءً على طلب وزارة الطاقة والمياه وقبل كل تعديل يطرأ على أسعار مبيع المحروقات» وقد حمل هذا المرسوم توقيع رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري ووزير المال فؤاد السنيورة ووزير الطاقة أيوب حميّد.
هذا القرار لم يعجب الحسن، فإذا بها تمارس ضغوطها على المجلس الأعلى للجمارك، فجاء ردّه يوم أمس: يفيدكم المجلس بأنه لا يسعه إجراء أي تعديل على رسم الاستهلاك الداخلي عن مادة البنزين في ضوء قرار الحكومة في 23 كانون الثاني 2009 القاضي بالموافقة على الإبقاء على القيمة الحالية لرسم الاستهلاك الداخلي والرسم الجمركي على سعر صفيحة البنزين»!
إلّا أن كيدية الحسن لم تلتفت إلى أن قرار الحكومة تثبيت الرسم على البنزين هو «قرار» وبالتالي فهو ليس بقوة القانون أو المرسوم، إذاً فهو لا يلغي مفاعيل القانون والمرسوم اللذين استند إليهما باسيل في قراره المبلّغ إلى الجمارك.
ويشير باسيل لـ«الأخبار» إلى أن «هذا الخفض ليس سوى إجراء أوّلي، إذ إننا سننتظر تأليف الحكومة الجديدة التي سيكون لها تحديد السياسة التي ستعتمدها إزاء ارتفاع أسعار المحروقات، إلا أنه بانتظار تأليف هذه الحكومة سيتحمّل مسؤولياته تجاه المواطنين، فإذا استمرّت أسعار البنزين في الارتفاع سيصار إلى خفض مماثل لاحقا». وأشار إلى أن قرار الخفض قائم، بحيث سيعيد إرسال القرار نفسه إلى المجلس الأعلى للجمارك ويضيف إليه عبارة «مع الإصرار والتأكيد»، وبالتالي على المجلس الأعلى للجمارك أن يلتزم هذا القرار، وإلّا أصبح متمرّداً.
في ظلّ حجم الدين العام الضخم الذي رتّبته السياسة الحريرية المتبعة منذ عام 1992 حتى الآن، وفي ظل اتّباع نهج تحميل المواطنين تبعات ما اقترفته هذه السياسة بحق المال العام، جلست الحسن في مكتبها، منهمكة في إتلاف عدد من الملفّات والوثائق، وأجرت اتصالاً بالوكالة المركزية للإعلام، مفاده «لن أترك الوزارة بذكرى طيبة»، فقالت كمن يدير غرفة عمليات ضد مصالح الناس: «كان من المفترض بالوزير باسيل أن يكون على بيّنة من الأصول الإدارية الواجب اتباعها، والقاضية برفع الكتاب المذكور إلى جانب وزارة المال أو وزيرها (علماً بأن الحسن رفضت سابقاً خفض رسوم البنزين)، وبالتالي يُعدّ رفع الوزير باسيل الكتاب مباشرة إلى الجمارك مخالفاً للأصول الإدارية. في كل الحالات، تبلغنا اليوم (أمس) من المجلس الأعلى للجمارك موقفه من الكتاب، وسيعمد إلى إرسال الرّد إلى الوزير باسيل خلال ساعات النهار».
ولم تكتف الحسن بتناسيها المرسوم رقم 12480 الذي يمنح باسيل صلاحيات في هذا الشأن، فإذا بها تعلن قبل إرسال المجلس الأعلى للجمارك ردّه إلى باسيل، أن «المجلس الأعلى سيبلغ باسيل بأنه لا يستطيع البتة اللجوء إلى هذا القرار، لكون هذه الخطوة غير دستورية وغير شرعية»! واستمرّت الحسن في حملتها التشويهية قائلة «هناك مراسيم عدة من جانب مجلس الوزراء حدّد فيها عدم جواز تثبيت سعر صفيحة البنزين أو غيره، إلا بقرار صادر عن مجلس الوزراء»، لكنها لم تذكر أي مرسوم محدّد. وإذ لفتت إلى أن باسيل «يعرف تمام المعرفة أنه لا يمكنه التفرّد بهذا القرار»، قالت الحسن: «ما يحاول أن يقوم به (أي باسيل)، والذي لن ينجح فيه، هو خفض الرسوم المالية عن البنزين بقيمة 3000 ليرة. هذه الرسوم إذا ما خفضت تؤدي بالطبع إلى خفض سعر الصفيحة، لكن إذا ارتفع اليوم سعر البنزين عالمياً، فسيتآكل هذا الخفض، لأن التوقعات تشير إلى أن سعر برميل النفط العالمي سيواصل ارتفاعه، وبالتالي الخفض المقرر لن يحقق الهدف المرجو منه إلا على المدى القصير، كما سيزيد الأعباء على الخزينة
al-akhbar