الوضع اللبناني الطائفي المعقد هو ما منع نصرالله من التفوه بأسماء الخونة والقتلة الذين خططوا وساهموا في التنفيذ مع الإسرائيليين خلال الحرب الماضية على لبنان تحقيقا لهدف واحد للأطراف الثلاثة ، جماعة الحريري وحلفائه ورعاته السعوديين واسرائيل وأميركا .
والهدف الوحيد هو تدمير المقاومة وسحق قوتها والقضاء على قادتها وعلى رأسهم نصرالله
القصة بدأت مع الزيارة التي قام بها عبد الله بن عبد العزيز إلى واشنطن مصطحبا معه سعد الحريري حيث التقى الأخير عددا من قادة مجلس الأمن القومي وكذلك كان له لقاء لافت مع ديك تشيني نائب الرئيس صوريا والحاكم الفعلي للبيت الأبيض .
كان الإهتمام الأميركي بنقطة واحدة وهو سأل الحريري قائلا:
" ماذا يمكنكم أن تقدموا لنا في موضوع القضاء على حزب الله" ؟
وكان الإهتمام السعودي الحريري ينحصر في كيفية الإستفادة من الدعم الأميركي للسيطرة الكاملة على مقاليد السلطة في لبنان وتثبيت الزعامة الحريرية المدعومة من طائفة كاملة إقتيدت باللجام المذهبي العاطفي الذي عرف الإعلام المأجور كيف يوجهه بإتجاه خدمة المصالح الأميركية الإسرائيلية .
كان إستعراض الأمور بين السعوديين والأميركيين قد وصل إلى إستنتاج يقوم على ان اي مخطط في لبنان للطرفين لا يمكن له النجاح إلا في حالة واحدة ، تحييد القوة الشعبية والعسكرية للمقاومة وتم الإتفاق على المهادنة والمخادعة في تعامل جماعة السعوديين اللبنانيين الممثلين بسعد والسنيورة مع المقاومة ، يدعمهم في ذلك كراز العمالة الجديد الملا وليد جنبلاط زعيم أكراد لبنان ومغتصب زعامة الدروز بالخديعة والإحتيال . وذلك حتى يتم التوصل اميركيا الى قرار حول افضل السبل للقضاء على المقاومة .
بدأت الخطة التنفيذية على مرحلتين ، الأولى في إستكمال المراوغة والخداع عبر تقسيم الأدوار بين اقطاب حلفاء اميركا وإسرائيل والتقية والباطنية في تعاملهم مع المعارضة التي شاركت في الحكومة بناء على بيان وزاري يعطي حلاوة تلهي المقاومة بكلمات لم يلتزم بمضمونها لا رئيس الحكومة ولا من يشاركه في عبوديته لبوش .
قدمت إقتراحات عدة للقضاء على حزب الله وقوته وتشتيت جمهوره .
فقد عملت السعودية على إستيعا ب الصف السني في لبنان تحضيرا لذلك،كما بذلت جهودا جبارة مادية ومعنوية للإيقاع بالرئيس نبيه بري في فخ التعاون مع المشروع الأميركي مقابل حصة تضمن له زعامته الشيعية وتمويل هائل قيل بأنه وصل إلى مليار دولار يتم بها تمويل حركة أمل لتستعيد قوتها بموازاة حزب الله . وبالطبع رفض الرئيس بري الأمر كما اثبتت التطورات اللاحقة .
ولكن القيادة السنية الدينية وقعت في غرام الملايين وكان لموقف المفتي قباني مفتي الجمهورية دور حاسم في ذلك تبين فيه إنحيازه إلى جهة آل الحريري منذ اليوم الأول لعودته من السعودية التي إستدعته في نهاية العام 2005 وهو كان قد عاد للتو من زيارة أغضبت السعوديين إلى سوريا التي إجتمع إلى رئيسها خلال تلك الزيارة لساعات .
في نفس الفترة بدأت القوى الأميركية الإسرئيلية المؤلفة من السنيورة والحريري وجعجع وجنبلاط في إعادة بناء قواها العسكرية الميليشاوية ، أرسل جعجع الرسل إلى أوروبا وأميركا وأستراليا لإستعادة الكوادر القواتية المقاتلة والتي لها خبرة كبيرة في التنظيم العسكري والتدريب وهي مهاجرة بمعظمها منذ سقوط المناطق الشرقية المسيحية وتوحيد بيروت في العام 1991 وما تلاه .
وكذلك فعل جنبلاط الذي أصلا لم يسلم إلا جزءا بسيطا من أسلحته ومدافعه وراجمات الصواريخ .
اما آل الحريري الذين يمتكلون في تيار المستقبل جهازا لجمع المعلومات اسسه الراحل رفيق الحريري على انقاض الجهاز الامني للحزب الشيوعي الذي كان يرأس جهازه التنفيذي الياس عطالله القيادي الشيوعي السايق الذي باع ملفات وعناصر وخبرات جهازه ومن يوالونه فيه إلى الحريري ومنه للفرنسيين والأردنيين والأميركيين والسعوديين الذين لكل منهم حصة في جهاز "المستقبل" للمعلومات تدريبا وتجهيزا وإدارة ومعروف بأن ابرز شخصية مقربة من الحريري امنيا هي رئيس المخابرات اللبنانية السابق جوني عبدو ورئيس امن القوات التابعة لبشير الجميل سابقا زاهي بستاني وهو مدير سابق للامن العام اللبناني . ولعل من المفارقات أن من ضباط المخابرات الدوليين الذين تعاونوا مع اجهزة الحريري قبل مقتله هو غيرهارد ليمان الألماني الذي عرفه اللبنانيون بصفته نائبا للمحقق الدجال ميليس .
هذه القيادات العريقة امنيا في لبنان بنت جهازا ضخما للحريري الآب كان يعمل بسرية تامة وبعيدا قدر المستطاع عن السوريين الذين كان يعتمد من بينهم على الخدام وكنعان للتستر عليه أحيانا وعلى الدعم السعودي لصد الإعتراضات السورية بحجة أنه جهاز لحمايته الشخصية .
بالإستناد إلى هذا الجهاز أنشأت جماعة الحريري بقيادة النائب السابق سليم دياب ميليشيا مسلحة بكل ما للكلمة من معنى. وهو ذهب لهذه الغاية مؤخرا إلى الأردن لحضور إحتفال تخريج كوادر عسكرية متقدمة دربتها القوات الاردنية الخاصة وعدد من أنجزوا التدريب المتقدم ذاك خلال السنة الماضية فاق الاربعة آلاف عنصر معظمهم من عكار والشمال والبقاع الغربي وهي مناطق معروفة بتواجد كثيف فيها لتيار السلفيين العاطلين عن العمل والباحثين عن راتب يسدون به رمقهم بعد أدمنوا مع الحريري الأب ومن ثم الأبن على الإعانات الغذائية الشهرية المهينة وهي الطريق التي شقها تيار السعودية إلى قلوبهم بدلا عن أن يتم إستيعابهم في مصانع يبنيها لهم صاحب الرقم اربعة واربعين في قائمة أغنياء العالم رفيق الحريري ومن بعده ورثته . او ان يتم إنشاء بنك للتسليف يعين هؤلاء المزارعين الفقراء والعمال الدراويش على تأمين لقمة عيشهم بشرف وبدلا عن ذلك يتم حاليا صرف مئات الملايين من الدولارات على تحويلهم إلى وقود لمذبح زعامة صبي ولد وفي فمه مليارات سرقت من مال اللبنانيين والسعوديين .
كانت هذه الإستعدادات حلقة جزئية في دائرة رئيسية مطلوب أن تجيب على تساؤل واضح ووحيد :
" من سيتولى القضاء على المقاومة وفتح الطريق إلى ربط لبنان نهائيا بحلف واشنطن – الرياض لخدمة تل ابيب "
وبالطبع للمحليين مصلحة مباشرة في هذا الأمر عبر تحويل لبنان إلى مملكة يحكمها ويملك من فيها وما عليها آل الحريري التقليد التايواني لآل سعود .
لنستعرض معا النقاط التالية ولنربطها بشريط الأحداث اللاحق :
- السنيورة في واشنطن يجتمع مع بوش ورايس في غياب وزير الخارجية الموالي لبري .
- رايس تقول للسنيورة أنه عليه إخراج الإرهابيين من حكومته والسنيورة لا يرد .
- تكليف وسام الحسن برئاسة جهاز امني جديد هو فرع المعلومات التابع للدرك والحسن هو النقيب المتقاعد من الدرك اللبناني ومدير امن الحريري الشخصي قبل إغتياله ما يعني سابقة غير مفهومة في تعيين شخص فشل للتو في حماية الرجل المكلف بحمايته وبدلا عن معاقبته وسجنه يتم إعادته خلافا للقانون إلى السلك العسكري مع ترفيعه رتبتين إلى مرتبة مقدم .
- رصد خمسين مليون دولار لفرع المعلومات التابع للأمن الداخلي الذي أصبح يترأسه وسام الحسن هذا ورصد سبعة ملايين فقط لكل الجيش اللبناني الذي يعد سبعين الفا .
- الأف بي اي في شوراع بيروت ولا تفسير والمعارضة تتسائل وتعترض دون مجيب .
- مدير الأف بي أي في بيروت ولا معلومات رسمية عن نوع الأجهزة التي دخلت من المطار لصالح جهاز المعلومات الذي قيل بأنه جند خلال اشهر بسيطة ستة آلاف مخبر برواتب شهرية وبطاقات أمنية وسيارات ودراجات مدنية وأجهزة إتصال فردية غير مسبوقة في لبنان وكلها من صنع أميركي .
- معلومات عن تلقي جهاز المعلومات للامن الداخلي لكمبيوتر ضخم يرصد عبر أجهزة إلتقاط كل المعطيات السلكية واللاسلكية ويحللها وهو الأحدث في العالم ودخل لبنان بدون تصريح أو موافقة مجلس الوزراء .
- توقيع إتفاقية امنية بين وزرارة الداخلية اللبنانية والأف بي اي لتدريب الضباط اللبنانيين في لبنان وتشغيل المعدات الجديدة من خبراء أميركيين يتواجدون في لبنان و إفتتاح مكتب إرتباط مع الأميركيين في وزراة الداخلية لتبادل المعلومات ! ولو عرفنا بأن العدو الرئيسي للبنان هو إسرائيل عندها يصبح السؤال مشروعا ..هل ستقدم الأف بي آي معلومات عن إسرائيل ونشاطاتها المخابراتية للأجهزة اللبنانية ؟؟!