نص المقابلة التي أجرتها مجلة الزمن الكويتية مع العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله
في عددها الصادر عن شهر حزيران-يونيو-
2002م.
زار العلامة السيد محمد حسين فضل الله إحدى المستشفيات، والتقى عدداً من الأطباء، وطرح عليه أحدهم السؤال التالي: تأتيني الفتاة تقول: "اغتصبت، أو تقول أخطأت مرة واحدة، وفقدت غشاء البكارة، أهلي سيذبحونني، فماذا نفعل، نرتق غشاء البكارة؟ وردّ العلامة: "تجنباً للخطر أو العار ارتقها بقلب مطمئن". ويضيف د.علي الكندري الأستاذ في كلية الشريعة في جامعة الكويت: إن كان إصلاح تمزق البكارة بسبب زنا وقعت فيه الفتاة باختيارها، ولمرة واحدة.. كان الطبيب مخيراً في إجراء عملية الرتق.. وإجراؤها أولى من باب الستر وإشاعة حسن النية. أما شيخ الأزهر د.محمد سيد طنطاوي فإنه يمنح الفتاة المغتصبة حق إخفاء قصتها عن زوج المستقبل: إذ إن كل فعل تمّ عن طريق الاغتصاب مهدر، وكأنه لم يحصل. وهذه الإجابات تقودنا في اتجاهين:
الأول، هو أن اختصار شرف الفتاة وسمعتها ومستقبلها وأحياناً حياتها بغشاء البكارة هو من "الأعراف والتقاليد الاجتماعية المغايرة للمجتمع الإسلامي" كما يقول الدكتور الكندري. وإن غياب هذا الغشاء ليس دليلاً على إثبات الزنا، أما الاتجاه الآخر، فهو أن الستر والتسامح وإشاعة حسن الظن بين المؤمنين، كانت وما زالت منارات يهتدي بضوئها المؤمنون. فالدين للحياة.. هكذا كان دائماً وهكذا يبقى.
* * * *
س: مسألة رتق البكارة تثير جدلاً واسعاً في المنطقة العربية، ما موقف العلامة من هذه المسالة؟
ج: من حيث المبدأ، لا مانع من الناحية الشرعية من القيام برتق البكارة إذا كانت المرأة تخاف على نفسها من المضاعفات الاجتماعية التي تشكل خطراً أو عاراً بالنسبة إليها.
لكن لا بدّ من أن تكون الطبيبة أو الممرضة هي التي تقوم بهذا العمل. هناك تحفّظ شرعي في هذه المسألة: إذا لم يعرف بها زوج المستقبل فسيكون هناك نوع من التدليس والغش، باعتبار أنها توهمه بأنها بكر. وهذا أمر محرّم. تدليس المرأة لنفسها محرّم، والزوج إذا اطّلع على التدليس ولم يقبل به فله الحق بفسخ عقد الزواج، وهذه المسألة يجب التحفظ عليها.
س: ما الحالات التي يسمح بها الشرع برتق البكارة؟
ج: أساس الحالات لجم العار الاجتماعي. إذا ما كانت المرأة تعرضت لاغتصاب، أو كانت واقعة في خطأ أو كانت معرضة للقتل فيما يسمى بالشرف وما إلى ذلك، من حقها أن تحافظ على نفسها بهذه الطريقة.
س: ما الاعتبارات والظروف الخاصة التي يمكن أن تجعل المقاييس الإنسانية تتغلب أحياناً على الأعراف والتقاليد؟
ج: من الطبيعي أن الإسلام يريد للإنسان المسلم أن يكون إنساناً في نظرته إلى الأمور وفي تقديره للظروف المحيطة بالمرأة، لا سيما أنها العنصر الأضعف في الواقع الاجتماعي الشرقي. لذلك فإن المسألة تتخذ بعداً قيمياً إذا ما اطّلع هذا الرجل على هذه المشكلة التي تعرضت لها المرأة خطأً أو اغتصاباً، فإذا قدّر ظروفها وستر عليها ـ حسب التعبير الشائع ـ فإنه يحصل على قيمة روحية وأجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى. إن المسألة تحتاج إلى نوع من الثقافة الإنسانية التي تؤكدها القيمة الدينية في هذا المجال. ونحن نقرأ: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". "وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به"
Thank You ...