كشف الأسرار يسقط الحكومة بالضربة القاضية

[Malak]

كشف الأسرار يسقط الحكومة بالضربة القاضية!!‏

هذا التدهور المريع في الحياة السياسية في لبنان منذ تاريخ اغتيال الرئيس رفيق الحريري ‏وحتى تاريخ اغتيال الوزير والنائب بيار الجميل، لم يتكوّن من فراغ، ولم يكن ابن ساعته، ‏بل هو مخطط مدروس بعناية، واهدافه واضحة تماماً منذ زمن بعيد جداً أمام الجهة التي قررت ‏ان لبنان دولة غير قابلة للحياة والاستمرار، وان على شعبه، اذا اراد أن يأمن على ‏حياته، ان يحيا حياة البهائم، يأكل ويشرب ويعمل وينام. أو ان يعيش في زنزانات كبيرة هي ‏اشبه بالاقفاص المعدّة للحيوانات المروّضة، أو ان يتيه في اصقاع الأرض بحثاً عن حياة اخرى ‏ووطن آخر.‏

ان تكون حرّاً في لبنان، تحلم بوطن حر وشعب سعيد، ومستقبل مشرق لاولادك، فهذا يعني انك ‏مشروع شهيد، لا تعرف متى يدق ملاك الموت بابك، منتزعاً منك الحياة، وواهباً الشقاء ‏والتعاسة لاهلك وعائلتك وأطفالك.‏

ما من بلد في العالم، تعرّض لهذا الكمّ الكبير من الاغتيالات السياسية كمثل التي تعرّض لها ‏لبنان.‏
رؤساء جمهورية، ورؤساء حكومة، ووزراء ونواب وقادة احزاب، وسياسيون وصحافيون ومفكّرون، ‏ومثقفون، وطلاب، ورجال اعمال، ذبحوا كما تذبح النعاج، في بلد صغير، مسالم، كل رصيده ‏ورأسماله، علم وفكر وحرية وعنفوان.‏

هل يستأهل الشعب اللبناني كل هذه الآلام والمجازر، وعمليات الاغتيال، لأنه يريد وحسب ان ‏يعيش حرّاً
في وطن سيّد؟

هل ضاقت المساحات في العالم، وصغرت الدول، بحيث لم يبق سوى لبنان، مكاناً لتصفية الحسابات ‏بين الكبار، وبحيث تتحوّل هذه البقعة من الارض الى ساحة نزال يتحمّل الشعب اللبناني وحيداً ‏ثمن نتائجها المدمّرة.‏

اذا كانت الدول المتصارعة توافقت ضمناً على مكان المبارزة، فلماذا يرتكب القادة ‏الممسكون بمفاصل الحياة وبمصير الناس، جريمة تسهيل مرور هذه الدول على اجساد اللبنانيين ‏والوطن، بتشريع الابواب امامها، بدل اغلاقها وإحكام إقفالها وتفشيل مؤامراتها وأطماعها.‏

ألم يسمع هؤلاء القادة بالحكمة التي تقول: عند صراع الدول خبّيء رأسك، او تلك الثانية: في ‏صراع
الريح والبحر يدفع المركب الثمن.‏

منذ حوالى الشهرين، وبعد حرب تموز مباشرة، التي شنّتها اسرائيل على لبنان، واعادته ـ ‏كما وعدته بذلك ـ عشرين سنة الى الوراء، تشنّ على الشعب اللبناني حرباً من نوع آخر، لا ‏تقلّ تدميراً وخطورة ونتائج سلبية عن حرب تموز.‏

انها حرب الشائعات، والاتهامات، والتهديدات، والقتل البطيء.‏
كل ما على سطح الارض اللبنانية، جامد جمود الموت، باستثناء هذا القصف المريع من الكلام ‏المتفلّت من كل ضابط وطني او اخلاقي، والذي يقتحم بيوت المواطنين، فيهدم اعصابهم، ويغذّي ‏غرائزهم وينشر الذعر والقلق بين جميع شرائح المجتمع اللبناني.‏

تهديد على مدار الساعة بالتظاهر والاعتصام وبالنزول الى الشارع وعدم الخروج منه الاّ عند ‏اسقاط
الحكومة، ويسهر الناس ينتظرون «ذلك اليوم وتلك الساعة اللذين لا يعرفهما احد» ‏الاّ حزب الله، وتمرّ الايام ثقيلة، مقلقة، متعبة، ويعتقد فريق المعارضة انه بهذا الاسلوب ‏يهدم اعصاب الموالاة، وهو في الحقيقة لا يهدم سوى اعصاب الناس واعمالهم.‏

في هذا المجال تحديداً، ألم يكن كشف المستور من الامور، مؤاتياً أكثر للمعارضة لتحصل على دعم ‏الاكثرية الساحقة من اللبنانيين في معركتها لاسقاط حكومة السنيورة، اذا هي نشرت ما تقول ‏انها تملك من وثائق ومعلومات تدين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وقوى الرابع عشر من اذار ‏بالتآمر مع الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل على ضرب المقاومة، وتسليم لبنان لقمة ‏سائغة للحلف الاميركي - الاسرائيلي.‏
ألم يحن الوقت بعد، ونحن على مشارف النزول الى الشارع، لاسقاط حكومة فؤاد السنيورة وقوى ‏‏14آذار بالضربة السياسية القاضية، على كشف ما حكي عن اسرار ومؤامرات تملكها المعارضة، ‏وتكون المعارضة - اذا كانت تملك حقا ما ادّعت انها تملكه - بذلك الاعلان قد استعملت السلاح ‏السري النظيف الذي يسقط حكومة السنيورة دون ان نسقط البلد معها.‏

اذا كانت اراء الناس تهمّ المعارضة، فان الناس في اكثريتهم غير مقتنعين بما يقال لهم ويحكى، ‏بل يريدون
اثباتات ملموسة وهي حتى الآن غائبة عن السمع والبصر، وهذا الامر يضعف موقف ‏المعارضة ويجعل الاصوات ترتفع أكثر فأكثر مطالبة بعدم النزول الى الشارع، اما اذا كان ‏ما كتب قد كتب فلا حول ولا قوّة الا بالله، ومرة اخرى نقول:‏
حمى الله لبنان.‏