View Single Post
Old 07-03-2009   #2
The Orange Cat
Registered Member
 
The Orange Cat's Avatar
 
Last Online: 10-10-2012
Join Date: Apr 2008
Posts: 562
Thanks: 234
Thanked 378 Times in 233 Posts
Groans: 3
Groaned at 2 Times in 1 Post
Default

العناصر الحاسمة في المعركة الإنتخابية (2) : الإعلام والإعلان

قامت الحملة الإعلانية للتيار الوطني الحر على مبدأ الانفتاح على الآخر وحرية المعتقدات على اختلافها، الدينية منها والسياسية. كانت هذه الحملة منسجمة مع حرية تفكيرنا السياسي والإجتماعي المنبثق من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقد أثبتنا هذه الحقوق في شرعة التيار، أضف الى أننا ننبثق من شعب وقّع على هذا الإعلان.
لقد انصبّت أفكارنا الإعلامية والإعلانية نحو مستقبل واعد يقوم على التفاهم والبناء، على أنقاض ماضٍ مثقل بالفشل الاقتصادي والاجتماعي ينبغي التخلص منه. وفي جميع الحالات، كنا نحترم الحقيقة في التعبير والقصد. ولكن، لمّا كان قول الحقيقة بشكل دائم، يبدو مضجراً لأنها ذات وجه واحد، وأذواق الجماهير، على ما ظهر، تستعذب التنوع ولو كان مضللاً وعلى حساب الحقيقة، فقد قامت ضدنا حملة إعلانية وإعلامية كاذبة ومضلّلة قاعدتها الأولى والأخيرة التخويف، فالجمهورية الثالثة، وهي الاسم الطبيعي لجمهوريتنا الحالية، أصبحت في حملتهم مرادفة لبدعة المثالثة في توزيع الوظائف بين الطوائف الرئيسية الثلاث في لبنان بعد أن كانت مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ثم جاءوا ببدعة تقصير ولاية الرئيس، وتلتها بدع أخرى مثل تغيير ألوان العلم اللبناني، وتغيير مرجعية الجيش، وحتى مرجعية الكنيسة ورئاسة الجمهورية. ومن المؤسف أن هذه الإعلانات المغرضة لم تواجه بتكذيب من المرجعيات المعنيّة، مما أعطى شعوراً بأنها كانت راضية عما جاء فيها.
وقامت سلسلة من العظات الكنسية، تناغمت مع سلسلة من الشائعات، تقول إن الاقتراع لن يكون للعماد عون بل لحزب الله الذي سيفرض الحجاب على المسيحييات من اللبنانيات، وإن هذا هو حكم ولاية الفقيه.. وقد قاربت هذه الشائعات حد المسّ بمعتقد الآخر وحدّ التمييز العنصري، وبالرغم من هذه الأكاذيب المتكرّرة بكثافةٍ مذهلة، فإننا لم نذكَّر بتورط خصومنا السياسيين مع فتح الإسلام الذي أدّى إلى مجازر نهر البارد ووقوع ما يزيد على ماية وسبعين شهيداً من الجيش اللبناني. ولم نرد على افتراءاتهم بالقول مثلاً إن الاقتراع لخصومنا السياسيين هو اقتراع للجماعات الدينية المتطرفة، وهذا لعدم تزكية الاحتقانات المذهبية والطائفية، ولأن هذا النوع من السجال هو لعب بالنار وعودة بالبلاد الى صراع مذهبي وطائفي يقوّض كل مقوّمات التوافق والوحدة الوطنية.
يرى بعض المحللين أن أسلوبنا الاعلامي لا يؤثر في الجماهير لأن قول الحقيقة لا يجذب، وإننا بحاجة الى بعض الرياء والوعود الكاذبة، وكما يقول أحد الساسة الفرنسيين عن الوعود الانتخابية، فهي لا تلزم مطلقها بل تلزم من يصدّقها، لذلك كان هذا السياسي يغدق الوعود قبيل الانتخابات، بصرف النظر عن إمكانية الالتزام بها أو عدمها، فالمهم كان حصوله على الأصوات وبأي أسلوب.
فأين نحن من هذه الخيارات؟ وهل المفاضلة مسموحة بين الكذب والحقيقة؟ وهل مسموح على مستوى المسؤولية الوطنية أن نتماهى مع الأوهام والمخيلات كي نرضي أصحابها؟ هل من المسموح استبدال خطاب التوعية العقلاني، الذي يُدخِل الشعب بأكمله في ثقافة جديدة من التفاهم والتعايش، بخطاب تخويفي يعيد هذا الشعب الى ما ورثه من معاناة في هذين المضمارين؟
إن بناء الوطن يقوم على تحضير الشعب للعيش في المستقبل الآتي، وليس على الانكفاء إلى ماضٍ مليء بالتشنج والصدام والانغلاق على الذات.
لا شك أننا سنتابع خطابنا التثقيفي والواعي كي نزيد في عقلنة سلوكنا والسير بمجتمعنا إلى أكثر حكمة وأقل غرائزية، ولن ندع أحداً يعود بنا إلى واقع تخطاه الزمن. إن التجارب في العقود الأخيرة من حياتنا الوطنية كانت غنية بالعبر فما علينا إلا الإفادة منها، ولا ندع أنفسنا ننساق إلى الشعور السطحي المبتذل الذي كلفنا الكثير من الضحايا والتضحيات، وقوض استقرار مجتمعنا، فمات من مات وهاجر من هاجر، وبقينا دائماً أسرى الخوف نلجأ إلى الماضي المدمر بدل الإنعتاق منه والانطلاق نحو تصور جديد يقينا شر المسارات السيئة التي ما زالت نتائجها تجثم على صدورنا.
إن استمرار المجتمع اللبناني بما هو عليه من التضعضع مع ما يخططه الأعداء، سيفكك أواصره ويصبح سهل الابتلاع، وينتهي إلى ما كنا نخشاه دائماً، جائزة ترضية في الحلول الشرق - أوسطية.

العماد ميشال عون



The Orange Cat is offline   Reply With Quote
The Following User Says Thank You to The Orange Cat For This Useful Post:
H@SSāN (07-04-2009)